2016/5/25
من زهير احمد
ينتظر أن تحتضن كولومبيا خلال هذا الشهر اجتماعا سريا بين عناصر من الحرس الثوري الإيراني وعدد من القيادات في كولومبيا، وذلك «تحت غطاء مراقبة المنتجات المستوردة من كولومبيا ورعاية المصالح الاقتصادية» خصوصا بعد رفع العقوبات عن طهران.
ووفق ما ذكرته وسائل إعلام لاتينية وأميركية، فإنه من المرجح أن سبب الزيارة السرية هو سعي طهران لمد نفوذها في كولومبيا وبسط قدراتها الجيوسياسية والدينية، خصوصا بعد ترحيب عدد من الجاليات المسلمة الشيعية الموجودة هناك بهذه الزيارة التي تعد دفعة مهمة لتقوية النفوذها هناك وإعطاء إشارة البدء للخلايا الشيعية في العمل بشكل أكثر فعالية.
يذكر أن الجاليات الشيعية التي تنحدر من أصل لبناني تعيش في مناطق مثل «مايكاو»، وهي مناطق يغلب عليها الطابع التجاري؛ حيث تهيمن فيها الجاليات الشيعية على مصادر اقتصادية كبيرة في تلك المناطق.
من جانبها، حذرت وسائل إعلام أرجنتينية من الزيارة، وقالت إنها تفتح الأبواب أمام تكرار سيناريو الأرجنتين في عام 1992 الذي انتهى باتهام إيران بالتورط في تفجيرات السفارة الإسرائيلية، وذكرت أن إيران تنتهج الأسلوب نفسه والطريقة نفسها في الدخول إلى الدول اللاتينية والبحث عن موطئ قدم في تلك البلدان، خصوصا أن الوجود الإيراني بدأ منذ فترة العقوبات، مضيفة أنه حان موعد جني ثمار العلاقة بعد رفع العقوبات.
وبحسب مصادر، فإن زيارة الوفد تحت غطاء دبلوماسي وديني إلى العاصمة الكولومبية بوغوتا ستشمل شخصيات مثل أبو الفضل ميرزاجاني وضياء غننافية ومحمد رضا بشارت وبهناز صادقيان ومريم بنداري، كما يرأس الوفد القيادي في الحرس الثوري محسن رباني المتورط في عمليات تفجير الأرجنتين والمطلوب على قائمة العقوبات الدولية والإنتربول. ويعرف رباني بأنه من العناصر المؤثر في السياسة الخارجية الإيرانية خصوصا بحكم موقعه في الخارجية الإيرانية، بالإضافة إلى زيادة عدد الدبلوماسيين الإيرانيين هناك ليبلغ أكثر من خمسين دبلوماسيا؛ الأمر الذي يثير علامات استفهام حول توجه هذا العدد الكبير من الدبلوماسيين في تلك المنطقة.
وفي السنوات الأخيرة أصبح للجاليات المسلمة في كولومبيا تأثير قوي بفضل عملها في المجال الاقتصادي هناك، وهم ليسوا بمعزل عما يحدث في العالم من تجاذبات، وهو ما يفتح الباب على تعاطف الجاليات الشيعية وبالأخص للعب دور مهم في السياسة الإيرانية واستخدامهم من قبل طهران لتوسيع شبكة نفوذها حول العالم تحت الغطاء الاقتصادي، وهو الغطاء الذي سيمنح طهران سهولة للحركة في أميركا الجنوبية، وهي ساحة تستطيع إيران فيها ضرب المصالح الأميركية والإسرائيلية بالإضافة لاستمالة هذه الدول ضد المصالح العربية في المحافل الدولية.
اللافت أن دول أميركا اللاتينية يغلب على علاقاتها مع الدول الأخرى الجانب الاقتصادي، وهو ما تسعى إيران لاستغلاله في التوغل داخل هذه الدول والسيطرة على مواقفها، خصوصا كولومبيا، وهي دولة مصدرة بالدرجة الأولى.
وتشير المعلومات إلى أن إيران بدأت بالفعل الدخول إلى سوق ما يسمى «الحلال» في كولومبيا لتصنيع اللحوم والذبح وفق الشريعة الإسلامية عن طريق شركات كولومبية، ومحاولة السيطرة على هذه السوق كدولة تمثل الإسلام هناك، خصوصا أن دول أميركا اللاتينية لا تعرف الفرق بين المذهبين السني والشيعي، وهو ما يجعل في عمل الجاليات الشيعية هناك سهولة في تمثيلهم الدين الإسلامي وحملهم هذه الراية هناك.
في هذا الصدد، قام رباني بتعيين صهره محسن مجتهي، المعروف باسم الشيخ كومي في كولومبيا منذ عام 2012، وذلك لبناء شبكة علاقات مع التجار، خصوصا المسلمين منهم، وفتح شهيتهم للتصدير إلى بلاده.
وكان رباني يمارس النشاط ذاته في الأرجنتين في التسعينات حيث عمل على بناء شبكة علاقات مثيرة لشراء رجال الأعمال وأصحاب النفوذ هناك، مما سهل مهمته في تنفيذ تفجيرات بوينس آيرس في الأرجنتين، بما فيها قتل القاضي المحقق في هذا الملف ألبرتو نيسمان عام 2015، وخضوعه للنظام الإيراني حسب مصادر إعلامية أرجنتينية.
ومما دفع وسائل الإعلام اللاتينية إلى التحذير من هذه الزيارة، التركيبة الغريبة لفريقها تحت قيادة رباني المتنفذ في الجهاز الدبلوماسي الإيراني، كما تعرف عنه قدرته على «التغلغل المحترف» في طيات الاقتصاد والسيطرة السياسية بعدها، لتنفيذ السياسات الخارجية لبلاده عبر علاقاته الوطيدة بعناصر ما يسمى «حزب الله» في أميركا اللاتينية.
وبحسب المصادر، فإن الجديد في تحركات رباني أن «ما لا يستطيع فعله أثناء شبابه في التسعينات يستطيع تنفيذه بواسطة صهره في كولومبيا لفتح عدد من الشركات المحلية تحت غطاء قانوني، ومنها ما يعمل على غسل الأموال وتحويلها إلى جماعات متطرفة دون الشك ولو للحظة في أن أموالا تتحرك من كولومبيا أو دولة لاتينية يمكن أن تغطي نفقات تمويل أدوات السياسة الإيرانية وتمويل الإرهاب على الأخص».
القادة الايرانية المطلوبين في تفجير ارجنتين |
وتشير المصادر إلى أن إيران تسعى عبر هذه الخطوة للتخفي وراء دولة مثل كولومبيا التي تحاول بدورها الدفع باقتصادها إلى التصدير، خصوصا أنها على شفا اتفاق سلام مع حركاتها الثورية، مما يدفع البلاد لفتح أبوابها للمستثمرين حتى إن كانوا من إيران، خصوصا أن إيران تروج هناك لأن الإسلامها هو الإسلام الحقيقي في بلاد لا تعرف الفرق بين الطوائف، مما يفتح الباب لصراع جديد في منطقة لا يعرف المواطنون عنها شيئا الآن، لكن من الممكن أن تكون سلاحا في ظهورهم يوما ما إذا فات الأوان.
No comments:
Post a Comment